تُعتبر دورة الوقود النووي المتوازنةBalanced) (NFC  خط إنتاج جديد طوّرته الشركات الفرعية التابعة لروسـاتوم،  TENEX و .TVEL تُقدم روسـاتوم عرضًا فريدًا لا تمتلكه أي دولة أخرى، حيث توفر الدورة المتوازنة أحدث الأساليب لإدارة النفايات النووية المستنفدة.

وقد قدّم ممثلو الشركة الروسية عرضين حول خط الإنتاج الجديد في منتدى  (KazAtomExpo) الذي عُقد مؤخرًا في كازاخستان.

تعتمد دورة NFC المتوازنة على مفهوم إعادة تدوير الوقود النووي. ويتمثل هذا المفهوم في أن اليورانيوم، المكون الأساسي للوقود النووي، لا يحترق بالكامل أثناء تشغيل المفاعل. بالإضافة إلى ذلك، تُنتج التفاعلات النيوترونية البلوتونيوم، وهو مادة انشطارية أخرى يمكن استخدامها أيضًا كمكون في الوقود النووي وتوليد الحرارة. عند استخراج هذه العناصر من الوقود النووي المستنفد، يمكن تحويلها إلى وقود جديد، مما يقلل بشكل كبير من الحاجة إلى اليورانيوم الطبيعي وكمية النفايات التي تُرسل للتخلص النهائي. وهذا هو جوهر معالجة الوقود المعاد داخل دورة NFC  المتوازنة.

تشمل دورة NFC المتوازنة، كمنتج مُقدم للعملاء، أربع خدمات رئيسية. أولاً، إعادة معالجة الوقود النووي المستنفد وفصل النفايات المشعة عالية المستوى؛ ثانيًا، إنتاج وقود اليورانيوم-بلوتونيوم؛ ثالثًا، تدمير الأكتينيدات الثانوية في المفاعلات السريعة؛ ورابعًا، أنظمة التخزين والنقل طويلة الأمد للوقود النووي المستنفد والنفايات عالية المستوى. تغطي هذه الخدمات الأربع الطيف الكامل من المهام المتعلقة بإدارة الوقود النووي المستنفد من المفاعلات التجارية. يمكن للعملاء طلب خدمات فردية أو المجموعة الكاملة. وتم تصميم هذه الخدمات لمشغلي المفاعلات المدعومة بالماء (المناسبة لمختلف تعديلات VVERs و PWRs و(BWRs، وغيرها. كما يمكن تخصيص التصاميم المحددة لتلبية احتياجات العملاء وقيودهم.

كيفية العمل: إزالة وإعادة معالجة الوقود النووي المستنفد

يتم تعبئة الوقود النووي المستنفد المُبرد في حوض الوقود المستنفد داخل حاويات نقل ومعالجة محكمة الإغلاق. مع زيادة كمية الوقود المستنفد، تتم إعادة تحميله في حاويات تخزين ذات سعة أعلى. وعندما يصبح عدد الحاويات كافيًا لتشكيل قافلة، يتم شحنها إلى روسيا لإعادة المعالجة في منشآت روساتوم. وهنا تبدأ التحولات الأكثر إثارة للاهتمام، حيث يتم فصل الوقود المستنفد إلى مكوناته. أولاً، يتم استخراج اليورانيوم (حوالي 96% من إجمالي كتلة الوقود) والبلوتونيوم (حوالي 1.2%)، ويمكن استخدامهما لصنع دفعات جديدة من أنواع مختلفة من الوقود. ثم يتم استخراج الأكتينيدات الثانوية – مثل النبتونيوم والأميريكيوم والكوريوم – وإرسالها إلى المفاعلات السريعة لتدميرها. وأخيرًا، يتم تحويل ما يُسمى “الجزء قصير العمر”، والذي يتكون أساسًا من السترانشيوم والسيزيوم، إلى حالة زجاجية ليتم إرساله للتخلص النهائي.

تصنيع الوقود الجديد

يمكن لمشغل محطة الطاقة النووية طلب الوقود المصنوع من المواد المستردة من الوقود النووي المستنفد. تستطيع مفاعلات النيوترونات الحرارية استخدام وقود مصنوع من اليورانيوم المجدد أو وقودREMIX  ، الذي يحتوي على مزيج من اليورانيوم والبلوتونيوم. يمتلك هذا الوقود نفس الشكل الهندسي لوقود اليورانيوم ولكنه يختلف في المعلمات النيوترونية. وإذا لم يرغب العميل في استخدام هذا الخيار، سيتم استخدام اليورانيوم والبلوتونيوم المجددين لتصنيع وقود جديد للمفاعلات في روسيا.

تحويل الأكتينيدات الثانوية

تُعتبر هذه الخدمة الأكثر ندرة في دورة الوقود النووي المتوازنة وليس لها بديل في السوق، حيث تعتبر روساتوم الشركة الوحيدة في العالم التي أطلقت فكرة احتراق الأكتينيدات الثانوية – وهي عناصر مشعة طويلة العمر وعالية السمية – في المفاعلات السريعة. وفي يوليو 2024، تم تحميل ثلاثة تجميعات وقود تحتوي على الأكتينيدات الثانوية في تركيبة الوقود لأول مرة على الإطلاق في مفاعل  BN-800  في محطة بيلويارسكا للطاقة النووية. وقد كتبنا عن هذا الحدث بالتفصيل في عددنا السابق.

عند تحميل الأميليوم والنيبتونيوم في مفاعل سريع، يتم تحويلهما إلى عناصر قصيرة العمر أو مستقرة. حيث ستتقلص إشعاعيتهما إلى مستوى خام اليورانيوم الطبيعي في غضون 300 عام. يُعد هذا إنجازًا بالغ الأهمية، إذ يسهم بشكل كبير في تقليل كمية النفايات المشعة التي تُرسل للتخلص منها، فضلاً عن المخاطر المرتبطة بها. بالمقارنة، إذا لم يتم معالجة الوقود النووي المستنفد، فإنه يبقى خطرًا محتملاً لمدة لا تقل عن 700,000 عام.

التخزين والنقل

عند طلب خدمات الإزالة والتدوير، يتيح للعميل أيضًا إمكانية شراء حاويات نقل وأغطية تخزين عالية السعة، فضلاً عن توفير مرافق لتخزين الحاويات لاستيعاب جميع هذه العناصر. ستساعد هذه الأدوات في ضمان سلامة التعامل مع الوقود وتخزينه ونقله. تعتبر محطة أكويو النووية الأولى التي تطلب هذه الخدمة. في فبراير من هذا العام، قامت شركة روساتوم بتسليم حاوية النقل والتعامل التجريبية TUK-137T.A1  إلى الموقع.

بالنسبة للعملاء الذين يختارون خدمة NFC المتوازنة، ستحتفظ روساتوم بالجزء عالي النشاط قصير العمر لمدة تقارب ثلاثين عامًا. بعد تلك الفترة، سيتم نقله إلى بلد العميل ليتم وضعه في مستودع قرب السطح مع النفايات المتوسطة النشاط بغرض التخلص النهائي. هناك خيار آخر متاح، يتمثل في استخراج الجزء عالي النشاط قصير العمر ووضعه في أغطية تخزين عالية السعة في موقع العميل، حيث سيظل مخزناً لمدة ثلاثين عامًا حتى تنخفض إشعاعية الوقود المستنفد إلى المستوى المناسب للتخلص.

فوائد العملاء

بفضل خدمة NFC المتوازنة، سيتمكن العملاء من تقليل كمية النفايات الناتجة. وفقًا للتقديرات الأولية للخبراء، ستنتج محطة نووية تحتوي على مفاعلين VVER-1200  حوالي 7,000 متر مكعب من الوقود النووي المستنفد (بما في ذلك التعبئة) خلال ستين عامًا من عمرها التشغيلي. وبعد إعادة المعالجة، سيتبقى وقود مستنفد بمعدل أقل سبع مرات. ستتناسب الكمية الإجمالية من النفايات متوسطة المستوى (بما في ذلك المصفوفة) مع ثلاثين غطاءً تخزين عالي السعة. كما ستنخفض تكاليف البنية التحتية للتخزين المؤقت والتخلص النهائي من النفايات المشعة بنسبة تقترب من 23%. بالإضافة إلى ذلك، تشكل إمكانية استخدام “التمويل الأخضر” ميزة أخرى مهمة، حيث تلبي خدمة NFC المتوازنة جميع معايير الاستدامة الحديثة. بشكل عام، سيسهم إدخال واستخدام خدمات NFC المتوازنة على نطاق واسع في تقليل تراكم الوقود المستنفد وتعزيز مكانة الطاقة النووية كمصدر نظيف ومتجدد للطاقة.

أثارت العروض المقدمة في معرض KazAtomExpo العديد من الأسئلة وردود الفعل الإيجابية من الزوار. كانت الاستفسارات تتعلق بشكل أساسي بالحلول الخاصة بتفكيك النفايات عالية المستوى وتحويل الأكتينيدات الثانوية، والتي لا تزال غير مألوفة للجمهور العام. وكانت ردود الفعل الإيجابية تشير إلى أن روساتوم قد طورت منتجًا يلبي احتياجات مشغلي الطاقة النووية ويخفف عنهم القلق بشأن مصير الوقود النووي المستنفد على المدى الطويل.