الممرات البحرية الجديدة
العودة إلى المحتوياتتطوّرت الخدمات التي تقدمها شركات الشحن على طريق بحر الشمال (NSR) لتصبح إحدى الأعمال الجديدة لشركة روساتوم. وباعتبارها مشغل البنية التحتية لمسار البحر الشمالي، تعمل الشركة النووية الروسية على ضمان الملاحة الآمنة، بما في ذلك مرافقة كاسحات الجليد، وبناء الموانئ وتطوير الشراكات اللوجستية مع الشركات الدولية لتعزيز الممر البحري الجديد الذي يربط أوروبا وآسيا.
تتمثل مهمة روساتوم الأساسية في ضمان الملاحة الآمنة والمنتظمة على أقصر طريق بين الجزء الغربي من أوراسيا والمحيط الهادئ. إذ يبلغ طول طريق البحر الشمالي 5600 ميل، بينما تبلغ المسافة الكاملة من مورمانسك إلى الموانئ الصينية عبر طريق البحر الشمالي 7000 ميل (مقابل 12500 ميل عبر السويس).
تُعدّ الملاحة الآمنة على طريق بحر الشمال مستحيلة بدون كاسحات الجليد، التي تضمن تسليم البضائع لمشاريع استخراج النفط والغاز والفحم والنحاس الكبرى في القطب الشمالي الروسي. تشق كاسحات الجليد طريقًا عبر الجليد للناقلات وناقلات الغاز وسفن البضائع الجافة التي تحمل حمولتها غربًا وشرقًا. وبما أنها تعمل بالطاقة النووية، فلا تنبعث منها غازات احتراق الوقود، إضافة إلى قوتها فهي قادرة على اختراق الجليد أكثر بكثير من كاسحات الجليد التي تعمل بالديزل والكهرباء.
وفي أواخر يناير/كانون الثاني، دُشنت كاسحة جليد أخرى من طراز 22220 في حوض بناء السفن في منطقة البلطيق، وقد أُطلق على هذه الكاسحة اسم لينينغراد، وذلك تخليدًا لذكرى شجاعة المدافعين عن سانت بطرسبورغ (لينينغراد في سنوات الحرب العالمية الثانية) وسكانها أثناء حصار لينينغراد. دُشّن المشروع بالتزامن مع الذكرى الثمانين لانتهاء الحصار. وقد صرّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هذا الحدث، قائلًا: “اليوم، تمتلك روسيا أسطولًا لا مثيل له من كاسحات الجليد، وهو الأكبر من نوعه في العالم. وهذا ما يمثل ميزتنا التنافسية المتميزة وفرصنا الهائلة لتطوير الخدمات اللوجستية والصناعية وخلق فرص عمل جديدة، فضلاً عن التطوير الشامل للمدن والبلدات في القطب الشمالي، وتنفيذ مشاريع عالمية النطاق، والتعاون الدولي مع شركائنا وأصدقائنا وكل من يريد العمل مع روسيا ومستعد له”.
ترافق ثلاث كاسحات الجليد من المشروع 22220 – أركتيكا، وسيبير، وأورال – قوافل السفن على مسار بحر الشمال حتى الآن. وهناك كاسحتا جليد أخريان، هما ياقوتيا وتشوكوتكا، قيد الإنشاء وسيتم تشغيلهما في عامي 2024 و2026 على التوالي. ويجري التخطيط لبناء كاسحة جليد أخرى بالتصميم نفسه، وستُنفّذ العام المقبل. كما يضم أسطول كاسحات الجليد التابع لشركة روساتوم كاسحات الجليد التي تعمل بالطاقة النووية تايمير وفايغاش ويمال وليت بوبيدي 50.
نمت حركة الشحن على طريق البحر الشمالي بشكل ملحوظ، من 3.93 مليون طن في عام 2013 إلى 36.254 مليون طن في العام الماضي، مقارنة بالخطة البالغة 36 مليون طن. وقال مدير عام روساتوم أليكسي ليخاتشيف: “نحن مدينون بحركة الشحن القياسية المرتفعة على طريق بحر الشمال لشركائنا، وفي المقام الأول شركة نوفاتيك التي يمثل الغاز الطبيعي المسال أكثر من نصف البضائع المنقولة. كما أدّت شركتا غازبروم نفت ولوك أويل، اللتان أعادتا توجيه شحناتهما من الغرب إلى الشرق، دورًا رئيسًا في زيادة حركة المرور. نتيجة لذلك، وصلنا إلى هدفنا المتمثل في 36 مليون طن قبل العام الجديد“.
كما ازدادت نسبة مرور البضائع. فقد قال فلاديمير بانوف، الممثل الخاص لشركة روساتوم لتطوير القطب الشمالي: “لقد ارتفع عبور البضائع على مسار البحر الشمالي إلى مستوى عام 2021 ثم وصل إلى مستوى مرتفع جديد. وفي عام 2023، وصل حجم عبور البضائع إلى 2.13 مليون طن. وكانت الشحنات الأساسية هي النفط ومركزات خام الحديد والغاز الطبيعي المسال. تشير البضائع العابرة إلى أهمية الطريق البحري الشمالي حيث أن نموها هو النتيجة الأكثر أهمية لأعمال الخدمات اللوجستية البحرية“.
كما تُظهر شركات النقل الدولية اهتمامًا متزايدًا بطريق بحر الشمال. على سبيل المثال، قامت شركة NewNew Shipping Line الصينية بثماني رحلات على طول مسار البحر الشمالي باستخدام كاسحات جليد تم شراؤها لهذا الغرض في عام 2023، ونقلت حوالي 100 ألف طن من البضائع بين الموانئ الصينية وأرخانجيلسك وسانت بطرسبرغ ومورمانسك.
يوفر طريق بحر الشمال، مع القيام بثلاث رحلات ساحلية، وسائل نقل منتظمة بين موانئ شمال غرب روسيا وأقصى شرقها.
كما توفر روساتوم خدمات تحسين البنية التحتية للموانئ على مسار البحر الشمالي وتعمل مسبقًا على تنفيذ الخطط في هذا المجال. فقد ارتفعت قدرة موانئ القطب الشمالي لتصل إلى 40 مليون طن. كما قامت روساتوم بتجريف خليج أوب، وتشارك في بناء محطة للفحم لمنجم الفحم سيراداساي، ووقعت عقودًا لخدمات التجريف في ميناء بوختا سيفر وبناء محطة شحن ورصيف لوحدات الطاقة العائمة في كيب ناجلينين.
يقوم مقر العمليات البحرية (The Marine Operations Headquarters -جزء من روساتوم) بدمج جميع المعلومات الواردة حول الجليد والظروف الجوية لإنشاء الطرق المثلى. وسيزداد عدد مصادر المعلومات، حيث ستُضاف بيانات المحطات الموجودة على متن السفن والطائرات بدون طيار إلى بيانات الأقمار الصناعية التقليدية. كما ستقوم محطات المراقبة الموجودة على متن كاسحات الجليد بمسح الجليد حول السفينة التي ترُكّب عليها، بينما ستقوم الطائرات بدون طيار بجمع المعلومات على مسافة تصل إلى 100 كيلومتر من كاسحة الجليد.
كما تعمل روساتوم على تطوير منصة خدمة رقمية واحدة، وذلك لجعل الملاحة في ممر بحر الشمال آمنة ومريحة قدر الإمكان. حيث ستقوم هذه المنصة بجمع كافة البيانات المتعلقة بـممر بحر الشمال ومعالجتها، بدءًا من التنبؤات الجوية وحالات الطوارئ وحتى تصاريح الملاحة والتوجيه الأمثل.
وفي العام الماضي، أصدر مقر العمليات البحرية 1218 تصريحًا (1163 في عام 2022). وقد أكد أليكسي ليخاتشيف في كلمته خلال مراسم تدشين كاسحة الجليد لينينغراد، أن لطريق بحر الشمال أهمية حيوية بالنسبة إلى روسيا على خلفية الطلب المتزايد على طرق نقل آمنة وموثوقة في العالم. وقال في الختام: “هذا هو بالضبط ما نقدمه لشركائنا – طريق سريع وآمن ومنافس“.