إفريقيا تتعلم الذرات الروسية
العودة إلى المحتوياتاستضافت سانت بطرسبرغ المنتدى الاقتصادي والإنساني الروسي الأفريقي الثاني في أواخر يوليو/ تموز. وقد وقّعت روساتوم، الشريك العام للمنتدى، خمس اتفاقات مع شركاء إفريقيين حول الاعتراف بالتكنولوجيا النووية والتعليم المهني في هذا المجال.
تعاني القارة الأفريقية من نقص في الطاقة. فعلى الرغم من أن واحد من كل خمسة أشخاص على وجه الأرض يعيش في إفريقيا، لكن القارة الأفريقية تنتج أقل من تريليون كيلوواط ساعي من أصل 30 تريليون كيلوواط ساعي تم توليدها على كوكبنا خلال العام الماضي. ومع نمو عدد سكان القارة الإفريقية، سيشكل الأفارقة ثلث إجمالي سكان العالم بحلول العام 2050. إذا لم يرتفع إنتاج الطاقة، فلن يكون هناك نمو في الصناعة أو تكنولوجيا المعلومات، وسوف تتدهور نوعية الحياة، وهذا أمر محفوف بالمخاطر مع تزايد الهجرة والاضطرابات الاجتماعية.
تنظر الحكومات الأفريقية إلى الطاقة النووية كمصدر موثوق لتوليد الطاقة. وقد صرّح فيديل نداهايو، الرئيس التنفيذي لمجلس الطاقة الذرية في رواندا، خلال الجلسة العامة للتقنيات النووية لتنمية المنطقة الأفريقية قائلًا: “نود النظر في إمكانية استخدام الطاقة النووية لتلبية احتياجاتنا. فقط حوالي 70٪ من سكان بلدنا يحصلون على الكهرباء ونأمل في زيادة هذه النسبة. إننا نحتاج إلى الاستقرار والموثوقية. وبما أن الطاقة النووية تبدو حلاً فاعلًا، فقد شرعنا في هذا المسار“.
كما قرر الرئيس البوروندي إيفاريست نداييشيمي أن يشاهد بنفسه كيف تعمل التكنولوجيا النووية وزار محطة لينينغراد للطاقة النووية خلال المنتدى. وقد رافق ألكسندر بيلييف، كبير المهندسين في محطة لينينغراد، الرئيس البوورندي مع أعضاء من الحكومة البوروندية في جولة في وحدات الطاقة المزوّدة بمفاعلات من نوع VVER-1200. حيث عُرضت غرفة تحكم وجزيرة توربينية وتم إطلاعهم على أنظمة السلامة التي لا مثيل لها في المحطة. وقد صرّح إبراهيم عويزي، وزير الطاقة وصناعة التعدين في بوروندي، بعد الجولة: “فقط خِمس سكان بلدنا يحصلون على الكهرباء، إننا نعمل بجد لبناء محطات طاقة مائية، لكننا اندهشنا لسماع أن كل مفاعل نووي لديه قدرة طاقة تساوي العشرات من محطاتنا المائية”.
في اليوم التالي، 27 تموز/ يوليو، وقّعت روساتوم وبوروندي وثيقتين. أولهما كانت مذكرة تدريب طاقم للعمل في مجال صناعة الطاقة النووية. وتنص على التعاون بين المؤسسات التعليمية المتخصصة، وتنظيم برامج تعليمية قصيرة الأجل، وتدريب المعلمين وإعادة تأهيلهم، وتطوير الأدبيات التربوية والعلمية. أما الوثيقة الثانية فكانت اتفاقية للتعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وسيعمل الطرفان معًا على إنشاء البنية التحتية النووية في بوروندي وتطويرها، والإطار التنظيمي للسلامة النووية والإشعاعية، والبحوث الأساسية والتطبيقية، وإنتاج النظائر المشعة وتطبيقها في الصناعة والطب والزراعة. كما اتفقت روساتوم وبوروندي على التعاون في استخدام الطب النووي وتدريب الموظفين على تطبيق تكنولوجيا الإشعاع هذا.
كما وُقعت اتفاقية تعاون أخرى في هذا السياق بين روساتوم وحكومة زيمبابوي. فقد وقعت روساتوم وإثيوبيا، في 27 يوليو/ تموز، خارطة طريق لتطوير التعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية أيضًا. وسيعمل الطرفان في الفترة من 2023 إلى 2025، على دراسة إمكانيات بناء محطة طاقة نووية كبيرة أو صغيرة ومركز للعلوم والتكنولوجيا النووية في إثيوبيا. كما تحدد خارطة الطريق خططًا لإنشاء مجموعات عمل مخصصة، وعقد جولات وندوات تقنية، وتطوير البنية التحتية النووية في إثيوبيا.
وقعت روساتوم لحلول البنية التحتية (Rusatom Infrastructure Solutions) مذكرة تفاهم مع الشركة المغربية للطاقة وتحلية المياه. حيث سيعمل الطرفان بشكل مشترك على مشاريع معالجة وتحلية وتنقية المياه. وصرح محمد أمين الشرقاوي، رئيس مجلس إدارة الشركة المغربية للطاقة وتحلية المياه، قائلًا: “تلتزم روسيا الاتحادية بوعودها وتبدي استعدادها لمدّ يد العون ومشاركة خبراتها مع بلداننا. إن قرار روساتوم للعمل في المملكة المغربية هو دليل عظيم على أننا قادرون ومستعدون على النمو معًا، ومساعدة بعضنا بعضًا ومساعدة الناس من خلال تزويدهم بالمياه النظيفة بأسعار مناسبة للجميع“.
تعمل التكنولوجيا النووية على تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وتسهم في تبادل المعرفة وتوفر آفاقًا وظيفية للمهنيين المؤهلين. هذا ما أكده أمجد الوكيل، رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية لمحطات الطاقة النووية: “إن المشروع النووي، الذي يعد جزءًا من برنامج تصنيع أوسع، يؤثر بالفعل في مصر بشكل إيجابي، ويوسع فرص الصناعات المحلية الحالية ويخلق خيارات جديدة للمهنيين ذوي المهارات العالية”. حيث تعد المشاركة في مدرسة نووية مخصصة في الضبعة واحدة من تلك الفرص.
وكما يعلم قراؤنا، تقوم روساتوم ببناء محطة للطاقة النووية مزودة بأربع مفاعلات من نوع VVER-1200 في بلدة الضبعة المصرية، والتي ستكون ثاني محطة نووية في القارة. أما المحطة النووية الأولى في القارة فهي محطة كويبيرغ في جنوب إفريقيا والتي شُغلت مفاعلاتها في العامين 1984 و1985. تجدر الإشارة هنا إلى أن قسم الوقود تفيل TVEL التابع لروساتوم والمؤسسة النووية لجنوب إفريقيا (NECSA) قد وقّعتا مذكرة تفاهم في أوائل أغسطس/ آب. حيث سيتعاون الطرفان في إنتاج الوقود النووي ومكوناته. بشكل عام، توجد روساتوم في أكثر من عشرين دولة أفريقية، إما من خلال أنشطة التنقيب عن اليورانيوم والتعدين، أو برامج الطب النووي، أو بناء مراكز الأبحاث والتكنولوجيا النووية.
إلى جانب القادة الإفريقيين وممثلي الحكومات، حظي طلاب إفريقيون بفرصة معرفة المزيد عن قدرات التكنولوجيا النووية الروسية. وقد صرّح قسطنطين موغيليفسكي، نائب وزير العلوم والتعليم العالي الروسي في مؤتمر روسيا وإفريقيا، قائلًا: “يسعدني جدًا أن أرى اهتمامكم بالفيزياء النووية لأن بلدنا اكتسب خبرة منقطعة النظير في هذا المجال. في غضون سنوات قليلة، نتوقع إنشاء مركز دولي كبير في أوبنينسك. سيكون هذا المركز نقطة جذب للأشخاص من مختلف البلدان الراغبة في الدراسة وتطوير مهاراتها“.
وعقدت إحدى جلسات المنتدى تحت عنوان ” المرأة في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات” وذلك بهدف تعزيز المهن العلمية والتقنية بين الفتيات ودعمهن في اختيار المهنة. حيث لا تمارس النساء في جميع أنحاء العالم دائمًا مهنتهن حتى لو تلقين تعليمًا تقنيًا ممتازًا بسبب التمييز.
كانت الفرص المختلفة للتعرف على الصناعة النووية الروسية تهدف إلى بناء الثقة بين روسيا، وخاصة روساتوم، والدول الإفريقية. فقد أشار أليكسي ليخاتشيف، المدير العام لروساتوم، في حديثه في المنتدى: “كان التعاون الدولي في المجال النووي دائمًا على رأس جدول أعمال الشخصيات الأولى، رؤساء الدول والحكومات. وعلى الرغم من ذلك لا يمكن أن يكون التعاون ناجحًا إلا إذا كانت هناك ثقة كبيرة بين الدول. إن قوة الطاقة النووية أكبر من أن نأخذها في الاعتبار من حيث الأعمال فقط“.